زهره حبيب

في قديم الزمان، كان هناك ملكٌ عظيم اسمه ذو القرنين. لم يُعرف بهذا الاسم لأنه كان لديه قرنان، بل لأنه كان يسافر كثيراً إلى مشرق الأرض ومغربها، وكأنه يعرف أسرار المكانين بفضل الله سبحانه وتعالى!

كان ملكا قوياً وشجاعاً، ذكيًاً، عادلاً، لا يحب الظلم، ويحب أن يساعد الناس، وكان الله قد أعطاه قوة في الجسم، وحكمة في العقل، وإيماناً في القلب.

كان ذو القرنين يسافر في الأرض كثيراً، من مكان إلى مكان، ليعرف أحوال الناس، وينشر العدل، ويمنع الظلم.

في يوم من الأيام، وقف ذو القرنين على جبلٍ عالٍ، ينظر إلى السماء، وقال:


“يا رب، اجعلني سبباً في نشر الخير، وأرشدني إلى ما فيه صلاح للناس.

 رحلة ذو القرنين الأولى إلى مغرب الشمس


وفي أحد أسفاره، ركب ذو القرنين فرسه، وسار مع جنوده حتى وصل إلى مكانٍ بعيد تغرب فيه الشمس. 

وهناك وجد قوماً ظالمين. لكن ذو القرنين لم يُعاقبهم فوراً، بل اختبرهم، 

حيث كان هناك قوماً يعيشون في خوف وظلم.

جاء إليه بعض سكان القرية وقالوا:


“أيها الملك الطيب، عندنا أناسٌ يظلمون ويؤذون، ونحن ضعفاء!”

رحلة ذو القرنين الى مغرب الشمس

فقال ذو القرنين بحكمة:


“لا تخافوا. من عمل خيراً فسوف نكرّمه، ومن ظلم فسوف نردعه بالعدل.”

حيث كان يكافئ من يعمل الخير، ويعاقب من يعمل عملا سيئاً يسيء به للناس.

شيئاً فشيئاً ترك الناس الاعمال السيئة  واتجهوا لعمل الخير. 

ففرح الناس، وبدأوا يتعلّمون كيف يزرعون، ويعيشون بسلام، بفضل عدل ذو القرنين.

قصة ذو القرنين في مغرب الارض

اقرأ ايضا: قصة طالوت وجالوت قصة الشجاعة والايمان

 رحلة ذو القرنين الثانية إلى مشرق الشمس

ثم تابع رحلته حتى وصل إلى مكانٍ تشرق فيه الشمس، فوجد أناساً طيبين يعيشون بدون بيوت تحميهم من الشمس! 

كانوا يعيشون بدون سقف أو بيوت تظلهم، اقترب منهم وسألهم:


“ألا تحمون أنفسكم من الشمس؟”

اجابه سكان القرية بحزن:
“نحن لا نعرف كيف نبني البيوت، وكل ما نملكه قليل!”

قصة ذو القرنين في مشرق الارض

فقال ذو القرنين:
“سأعلمكم كيف تبنون بيوتاً، وسأرسل من يساعدكم، لأنكم تستحقون العيش بكرامة.”

وعلّمهم كيف يستخدمون الطين والخشب، فبنوا بيوتاً جميلة، وشكروا الله كثيراً.

فساعدهم، وعلمهم كيف يعيشون في راحة وأمان.


اقرأ ايضا: قصة قابيل وهابيل

 رحلة ذو القرنين الأخيرة: قصة يأجوج ومأجوج بين الجبلين

قصة يأجوج ومأجوج

في آخر رحلاته، وبعد أيام من السفر، وصل ذو القرنين إلى مكانٍ بين جبلين كبيرين. وهناك وجد قوماً يتحدثون لغة غريبة، وكانوا خائفين جداً.

جاءوا إليه وأشاروا إلى جهة الجبال، ثم قالوا:
“يا ذو القرنين، هناك قومٌ شريرون يُدعون يأجوج ومأجوج، يأتون من خلف الجبال، يُخرّبون أرضنا، ويأخذون طعامنا!”

فهم ذو القرنين كلامهم وقال:
“هل تساعدوني إن بنيت لكم سداً قويًاً؟”

فقال أهل القرية فرحين:
“نعم! نعم! سنساعدك بكل ما نملك!”

فقال لهم ذو القرنين:
“هيا إذاً، اجمعوا الحديد، وأشعلوا النار تحته، وسأبني لكم سداً لا يستطيع أحدٌ اختراقه.”

عمل الجميع معاً، وبدأ العمل الكبير! 

جمع ذو القرنين الحديد، ووضعه بين الجبلين، ثم أشعل عليه النار حتى أصبح شديد الصلابة، ثم صب عليه النحاس، حتى أصبح سدًاً عظيماً لا يمكن لأحدٍ أن يتسلّقَه أو يحفره! وصار سدًاً ضخماً لامعاً لا يمكن تسلّقه أو هدمه.

وقف الجميع مندهشين وقالوا:


– انه سد عظيم! كيف فعلت ذلك؟”

ضحك ذو القرنين وقال:


“هذا من فضل الله، وليس منّي. وعندما يشاء الله، سيأتي يوم ينهار فيه هذا السد.”

عندما شكره القوم وعرضوا عليه المال قال لهم ذو القرنين:
“ما أعطاني الله من القوة والخير خيرٌ من مالكم.

قصة ذو القرنين المستوحاة من القرآن الكريم

ومنذ ذلك اليوم، عاش الناس في أمان، وذكروا ذو القرنين بكل خير، لأنه لم يكن ملكاً فقط… بل كان بطلاً يحب الخير، ويعمل من أجل الناس.

وهكذا، ظلّ الناس آمنين بفضل هذا الملك الصالح العادل، الذي لم يكن يطلب شيئاً لنفسه، بل كان يفعل الخير فقط لوجه الله.

النهاية 

العبرة من قصة ذو القرنين التي وردت في سورة الكهف في القرآن الكريم:

1. العدل في الحكم والقوة في الخير

❝فَأَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ…❞
العبرة هنا أن القوة الحقيقية تكمن في العدل، لا في البطش.

2. التواضع رغم التمكين

رغم أن الله مكّنه في الأرض وفتح له المشارق والمغارب، إلا أنه لم يتكبّر ولم يدّع الألوهية أو العصمة، بل قال:

❝هَٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي❞
وهذا درس في التواضع والاعتراف بفضل الله.

3. العمل الصالح مقرون بالإيمان

ذو القرنين لم يكن مجرد قائد سياسي، بل كان مؤمناً بالله، وكان يعمل بإيمان وإخلاص، فنجح في مهمته وأُثني عليه في القرآن.

4. أهمية التخطيط والعمل الجماعي

عندما طلب منه القوم أن يبني لهم سدًا يقيهم من يأجوج ومأجوج، لم يتصرف بعشوائية، بل نظّم العمل، وطلب منهم المساعدة، وقال:

❝فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ…❞
وهذا يدل على أن التعاون والتخطيط أساس في مواجهة التحديات.

5. أن نهاية كل شيء إلى الله

سدّ ذو القرنين كان عظيماً، لكن في النهاية، الله هو من يفتح ما شاء متى شاء:❝فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ❞
أي أن الإنسان مهما بلغ من القوة والعلم، فإن أمر الله هو الأعلى.

Zhora & Asoma

يمكنكم متابعة قناتنا على تطبيق الواتس من هنا

تابعونا على صفحتنا في فيسبوك من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *