زهره حبيب
في مدينة صغيرة تحيط بها الغابات من كل جانب، كانت تعيش فتاة تُدعى ليلى. كانت فتاة ذكية وخجولة، تحبّ قراءة الكتب والرسم، لكنها كانت دائماً تشعر بالوحدة، إذ لم يكن لديها أصدقاء كثيرون.
ذات يوم، بينما كانت تتمشى في الحديقة القريبة من منزلها، شعرت كأن أحداً يراقبها. استدارت فجأة، فرأت ولداً في مثل عمرها واقفاً أمام شجرة.

قالت بدهشة:
“أنت من تكون؟ لم أرَك من قبل!”
فابتسم الولد وقال:
“أنا اسمي سليم… وأنا متفاجئ! أنت أول من يستطيع رؤيتي!”
اتّسعت عينا ليلى وقالت:
“ماذا تعني؟ لا أحد يراك؟”
هزّ سليم رأسه وقال:
“منذ أن أتذكّر، لم يكن أحد يراني أو يسمعني… حتى ظننت أنني شبح! لكنك ترينني بوضوح، وهذا يعني شيئاً!”

لم تشعر ليلى بالخوف على العكس كانت متفاجئة ومتحمسة لمعرفة السبب.
فكّرت ليلى قليلاً، ثم قالت بحماس:
“علينا أن نكتشف السر! ربما هناك سبب يجعلني الوحيدة التي تراك. سنبدأ التحقيق غداً!”
اقرأ ايضاً: قصة ابطال لا يُقهرون
قصة ليلى والولد غير المرئي
ذهبا معاً إلى مكتبة المدينة القديمة. كان هناك كتب عن السحر والظواهر الغريبة. وجدت ليلى كتاباً بعنوان “الأرواح التي لم تُكمل رحلتها”.
قالت له:
“ربما أنت من عالم آخر؟ أو نُسيت في حلم؟”
ضحك سليم وقال:
“أو ربما أنا مجرد صبي اختار أن يختبئ عن العالم لأنه جُرح من قبل.”
ثم جلسا تحت شجرة كبيرة، وأخبرها سليم أنه لا يتذكر والديه ولا كيف وصل إلى هذه المدينة.
قالت ليلى بلطف:
“سأساعدك، سليم. لن تظل وحيداً بعد الآن.”

قصة ليلى والولد غير المرئي
بينما كانت ليلى وسليم يجلسان في المكتبة القديمة ويقرئان عن الظواهر الغريبة، وجدوا صفحة في كتاب قديم تقول:
“أحياناً يولد طفل مميز، يحمل قلباً نقياً ومشاعر عميقة، لكنه يمرّ بلحظة مؤلمة تجعله ينسحب من العالم، فيصبح غير مرئي. لا يراه أحد، ليس لأنه غير موجود، بل لأن العالم لم يعد ينظر بقلبه.”
حين قرأت ليلى هذه الكلمات، نظرت إلى سليم وقالت:
“هل مررت بشيء جعلك تحزن أو تنسحب من الناس؟”
أطرق سليم رأسه وقال بصوت خافت:
“أعتقد أنني كنت أعيش مع والديَّ، لكنهما اختفيا فجأة… لم أجد أحداً… حاولت أن أتحدث مع الناس، لكنهم لم يردّوا. شعرت أنني لا أنتمي… فبدأت أختفي ببطء… حتى لم يعد أحد يراني.”
فهمت ليلى حينها أن اختفاء سليم لم يكن سحراً فقط، بل حزناً عميقاً جعله يبتعد عن العالم، والعالم يبتعد عنه أيضاً.
قالت له بحنان:
“لكنك هنا الآن… وأنا أراك… وسأساعدك لتتذكّر أنك تستحق أن تُرى وتُحب.”

اقرأ ايضا: قصة رسائل من المجهول
قصة ليلى والولد غير المرئي
لاحظت ليلى شيئاً غريباً. كلما اقترب سليم من الأماكن التي تحبها – مثل المكتبة أو مرسمها – كان جسده يلمع قليلاً، كأن العالم يعترف بوجوده.
فقالت له:
“ربما رؤيتي لك هي البداية فقط… ربما حين يشعر بك العالم، ستصبح مرئياً للجميع.”
فكر سليم وقال:
“إذن، عليّ أن أكون حقيقياً… أن أكون جزءاً من هذا العالم.”
في اليوم الذي عرضت فيه ليلى لوحاتها في معرض مدرسي صغير، رسمت صورة لسليم يقف مبتسماً بين الأشجار. عندما مرّ الناس بجانب اللوحة، بدؤوا يلاحظون شيئاً غريباً…

“من هذا الطفل؟ كأنه يشبه الولد الذي رأيناه اليوم في الساحة!”
ابتسمت ليلى، والتفتت إلى سليم وقالت:
“أعتقد أن العالم بدأ يراك يا صديقي.”
ابتسم سليم، وعيناه امتلأتا بالفرح. لم يعد مجرد خيال… أصبح مرئياً، محبوباً، وحقيقياً.
سليم كان غير مرئي لأنه مثّل الأطفال الذين يشعرون بأن لا أحد يفهمهم أو يلاحظهم، وغرقوا في الوحدة. لكن وجود شخص واحد فقط يؤمن بهم مثل ليلى يمكن أن يعيدهم إلى النور.
رسالة القصة:
أحيانًا لا نُرى بعيون الناس، لكن من يؤمن بنا يستطيع أن يجعلنا نضيء من جديد.

يمكنكم متابعة قناتنا على تطبيق الواتس من هنا
تابعونا على صفحتنا في فيسبوك من هنا