هل تساءلت يوما عن تأثير انشغال الأبوين على الأبناء؟ تخيل عجلة الهامستر تدور بشكل أسرع وأسرع. هذه هي حياة الوالدين في العصر الحديث.
بمجرد الانتهاء من مهمة واحدة، تظهر عشر مهام أخرى. هذه الوتيرة المتواصلة غالبًا ما تجعل الآباء يشعرون بالإرهاق وعدم القدرة على منح أطفالهم الاهتمام الذي يريدونه.
ما هي علامات الإهمال عند الأطفال؟

قد تظهر على الطفل بعض العلامات أو كلها، وهي على النحو التالي:
- تأخر المهارات اللغوية والحركية.
- التأتأة والثأثأة.
- مص الأصابع.
- التِهام الأظافر.
- الانسحاب من الأنشطة.
- خجل الطفل الزائد.
- شعور الطفل بالخوف بصفة مستمرة.
- العنف غير المبرر في التعامل مع الأقران.
- حدوث التبول الليلي.
- عناد الطفل وتمرده
- السرقة بالرغم من عدم الحاجة.
النجاح الحقيقي في الحياة
اعلم أن النجاح ليس بتحقيق التحديات الوظيفية أو تلبية متطلبات الرفاهية العصرية،
بل النجاح يكمن في خلق توازن بين المستجدات العصرية ومكوناتها وبين الحياة الأسرية، وتربية طفل سوي لا يعاني من الحرمان العاطفي.
هل انشغال الوالدين الدائم يؤثر على نمو الطفل؟
بالطبع الانشغال الزائد يتسبب في اعتماد الأم العاملة على الرضاعة الصناعية، وهي لا تحقق أبدا النمو العقلي والحركي الذي توفره الرضاعة الطبيعية،
ليس هذا فحسب بل يحدث تأخر في اتقان المهارات الحركية أو الاستمرار في استخدام الحفاظ لفترة أطول.
أسباب تدفع الوالدين إلى الإهمال، هل أنت واحد منهم؟

- دخول دوامة الحياة العصرية التي تشبه الوحش الذي لا يشبع، كلما تم تلبية بند ظهرت عشرات البنود الملحة.
- ارتفاع سقف الطموح الشخصي، البعض لا يفكر سوى في تحقيق مجده الشخصي، الذي يحتاج لوقت وجهد مضاعف، وينسى في سبيل تحقيق حلمه، أطفاله.
- زيادة عدد الأطفال في الأسرة، تجعل من العسير تفهم احتياجات كل طفل وتقديم الإهتمام والرعاية المناسبة.
- الوجبات المنزلية من تنظيف وطهي و ترتيب، تلتهم وقت الأم وتصيبها العصبية والإجهاد، فاقد الشئ لا يعطيه، لا يعقل أن نطالب الأم باحتواء الصغار وهي تعاني من ضغوط يومية لا تتوقف.
- تعلق الوالدين الزائد بوسائل التواصل الاجتماعي، فالبعض فور عودته من عمله، يسرع في فتح مختلف التطبيقات من باب التعود وطلبا للتسلية، على حساب فلذات الأكباد.
- اهتمام الوالدين الزائد بأنفسهم، البعض لديه أنانية مفرطة ويرغب في إشباع رغباته بالمشاركة بأنشطة للترفيه والحفلات، دون اعتبار لوجود صغار يحلمون بقليل من الدفء والاحتواء.
- مشاركة المعيشة مع العائلة (وخاصة في المناطق الريفية والقبلية) التي تفرض على الزوج الإنفاق على كل العائلة، فضلا عن كون الزوجة خادمة للجميع، وقتها لا يجد الأب والأم فسحة لالتقاط الأنفاس أو حتى الاهتمام بأطفالهم.
- قلة ذات اليد، لا يمكن التغافل عن مستوى المعيشة المتدني، الذي يفرض على الوالدين الانهماك في أكثر من وظيفة لتأمين لقمة العيش وتوفير الضروريات.
- مرض أحد الوالدين.
- إدمان المواد المخدرة أو المشروبات الروحية، يجعل الأب أو الأم في حالة انفصال تام عن الواقع وعدم تحمل المسؤولية مطلقا.
- معاناة أحد الأبوين من مرض نفسي.
- الطلاق والخصومة، قد يحدث طلاقا مع الحرص على الرعاية المشتركة وإعلاء مبدأ الحفاظ على الصغار، لكن على النقيض هناك من يجعل الطلاق شماعة ليلقي بالحمل على الطرف الآخر.
عواقب انشغال الأبوين عن الصغار

- قلة الثقة بالنفس
- معاناة الطفل من أمراض سوء التغذية،بسبب ضيق وقت الأم المخصص لطهي الطعام أو الاعتماد الكامل على الوجبات السريعة الجاهزة.
- حرمان الرضيع من الرضاعة الطبيعية.
- معاناة الطفل من الحرمان العاطفي بسبب قلة الاحتواء.
- الإهمال في مظهر الطفل، وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية.
- ضعف جهاز المناعة والإصابة المتكررة بالأمراض التنفسية والتهاب اللوزتين.
- الإصابة بالأمراض الجلدية المختلفة مثل حشرات الرأس.
- حدوث تفكك أسري في البيت وضياع قيم الولاء والانتماء للأسرة وأفرادها.
- تأخر مهارات الطفل الحركية واللغوية.
تأثير انشغال الأبوين عن الأبناء اجتماعيا
إن اضطرار الأب أو الأم للدخول في دوامة العمل وسعي كلاهما لتحقيق مكاسب وظيفية، والتغيب عن المشاركة في الاجتماعات العائلية،
يجعل الأبناء ببساطة يشعرون بالفتور العاطفي تجاه الوالدين و أنهم في المرتبة الثانية لدى الأبوين، وهو أمر يؤثر بالسلب على الطفل، إذ يتنامى بداخله الشعور القاتل بالوحدة، ويترتب على ذلك ضعف الثقة بالنفس والاكتئاب والقلق.
ما الذي يخسره طفلك بسبب انشغالك الدائم؟

عواقب وخيمة تنتج عن ضعف التواصل بين الآباء والأبناء، منها الأمور التالية:
- زيادة احتمالية تعرض الطفل للأذية الجسدية أو التحرش الجنسي من المربيات أو الأقارب.
- التأثير على التحصيل العلمي.
- لجوء الأبناء إلى وسائل بديلة للتوجيه قد تكون خطيرة وضارة.
- الخوف من المستقبل وعدم الشعور بالأمان.
- شعور الطفل الدائم بالحرمان والنقص.
- تنامي شعور الطفل بالتهميش.
يمكنكم الإطلاع أيضا على: الخلافات الأسرية وأثرها السلبي على الطفل
أخطاء فادحة لتعويض انشغال الآباء
قد يلجأ بعض الآباء لتعويض الانشغال إلى حلول ضارة كالتالي:
- الاعتماد على المربيات للقيام بدور الأم.
- الهاء الطفل عن طريق إعطاءه الهواتف الذكية والألعاب الالكترونية.
- لجوء بعض الأهل للأدوية المنومة للتخلص من ازعاج الصغار.
- تعويض الغياب بتلبية كل طلبات الطفل فينتج عنه شخصية مدللة لا تتحمل أي مسؤولية.
- إعطاء الطفل مبالغ مالية كبيرة على سبيل الترضية، تلك الأموال قد تكون سببا في هلاك الطفل أو اتجاهه إلى تدخين السجائر أو تعاطي المخدرات.
كيف يمكنني تخصيص المزيد من الوقت لأطفالي؟
حدد جدول ثابت للجلوس مع الصغار يوميا والتحدث بود عما يشغلهم، من المفيد أيضا اصطحابهم للنزهة من وقت لآخر.
تأثير انشغال الأبوين عن الأبناء ودموع في عيون بريئة

خالد في الرابعة يجلس دائما وحيدا ولا يتفاعل مع المعلمة، يعاني تأخرا في النطق، ويرفض أن يلمس أحد أغراضه، بسؤال المعلمة أخبرتني أن والداه يعملان في الخارج، وهو يعيش مع جدته.
صدق الشاعر حين قال:
ليس اليتيم من انتهى أبواه **من هم الحياة وخلفاه ذليلاً،
إن اليتيم هو الذي تلقى له**أما تخلّت أو أبا مشغولا.
أبي مشغول دائما فماذا عني؟

يمكن للأبناء الأكبر سنا لفت نظر الوالدين بطريقة حسنة.
اختيار أوقات تفرغ الوالدين واقتراح القيام بأنشطة مشتركة، مثل القراءة أو لعب الكرة أو الرسم والتلوين.
حث الأبوين على أخذ استراحة من العمل.
الحل الأمثل لتجنب الآثار السلبية لانشغال الوالدين

لابد من اتباع الخطوات التالية:
- الحرص على تخصيص وقت ثابت للتحاور مع الطفل والإنصات إلى ما يقوله.
- تنظيم الوقت بين المتطلبات والأطفال واستغلال الوقت بفاعلية.
- قراءة القصص للطفل قبل النوم ومناقشته في أحداثها
- الرسم مع الطفل
- جعل وقت الطعام مقدس للجميع، ولا يمكن التخلف عنه.
- مشاركة الطفل في الأنشطة التي يفضلها.
- إلحاق الطفل بمؤسسات آمنة تنمي مهاراته.
- تقسيم رعاية الأطفال بين الوالدين، فليس من العدل ترك الحمل على أحد الطرفين، لأنه بمرور الوقت يعجز عن تأمين المتطلبات.
- الحرص على الإتصال أثناء الدوام بالصغار أكثر من مرة، لخلق المودة وإشباع إحساس الصغار بوجود اهتمام ومراقبة.
- تنظيم نزهات أسرية دورية.
- مساعدة الطفل في المذاكرة.
لا أستطيع خلق توازن بين العمل وأطفالي؟
أنصحك وقتها بطلب الدعم من العائلة وخاصة الجد والجدة، من المفيد أيضا اللجوء إلى الاستشارات الأسرية لدى المختصين.
ختاما
إن تأثير انشغال الأبوين عن الأبناء كارثة ومصيبة لا تظهر فداحتها، إلا بعد وقت طويل، الانشغال عن الأبناء والتقصير في احتوائهم جريمة بمعنى الكلمة.
إن جفوة الأبوان التي نراها بسبب مستجدات ومتطلبات الحياة، تسهم في ضياع جيل الغد، وتصدر للمجتمع شخص يحمل بداخله جرح عميق وفاقد الثقة فاشل أو مشروع مجرم ليس لديه ذرة رحمة تجاه الآخرين.
دمتم بكل ود.
يمكنكم متابعة قناتنا على تطبيق الواتس من هنا
تابعونا على صفحتنا في فيسبوك من هنا