زهره حبيب
في هذا المقال سنتجول في رحلة صغيرة للأطفال لاكتشاف العائلة الصغيرة والعائلة الكبيرة.
كل صباح، عندما أفتح عيني، أجد أمي تبتسم وتقول: “صباح الخير يا صغيري!”، ثم يأتي أبي ويعانقني ويقول: “صباح النشاط يا بطل!”
أمي وأبي وأنا… نحن عائلة صغيرة!
نعيش في بيتٍ جميل. أمي تطبخ لي الطعام اللذيذ، وأبي يأخذني إلى الحديقة، وأنا أرتّب ألعابي. نحن نضحك، نلعب، ونتشارك كل يوم.
هذه العائلة الصغيرة تسمّى “العائلة الصغيرة”، وتتكوّن من:
أمي، أبي، وأنا (وأحياناً يكون هناك أخ أو أخت أيضاً!)
لكن هل تعرفون أعزائنا الصغار أن هناك عائلة أكبر؟ نعم، إنها العائلة الكبيرة!

رحلة للأطفال لاكتشاف العائلة/من هم أفراد العائلة الكبيرة؟
في بعض الأيّام، نزور بيتاً آخر، نجد فيه امرأة طيّبة تُحضّر لنا الكعك، ورجلًا يروي لنا القصص. إنّهما:
- جدتي (أمّ أمي أو أمّ أبي)
- جدي (أب أمي أو أب أبي)
وهناك أيضاً أطفال مثلنا، نلعب معهم ونضحك كثيراً، إنهم:
- أولاد خالي وخالتي
- أولاد عمي وعمّتي
وهكذا نكتشف أنّ العائلة الكبيرة تشمل:
- الجد والجدة
- العم والعمّة
- الخال والخالة
- أبناء وبنات العمّ والخال
رحلة للأطفال لاكتشاف العائلة/ لماذا نحب العائلة الكبيرة؟
لأنهم يحبّوننا كثيراً، ونزورهم في المناسبات، و نجتمع جميعاً لنحتفل ونضحك
ونتبادل الهدايا والقصص

رحلة للاطفال لاكتشاف العائلة/ أهمية تعريف الأطفال بالعائلة الكبيرة
تعريف الأطفال بالعائلة—وخاصة في سنّ ما قبل السادسة—ليس مجرد معلومة بسيطة، بل هو أساس مهم في نموهم العاطفي والاجتماعي والمعرفي. إليك شرحاً مفصلًا لأهمية هذا الموضوع:
تعزيز الشعور بالانتماء والأمان
عندما يعرف الطفل من هم أفراد عائلته، يشعر بأنه جزء من مجموعة محبّة ومترابطة، مما يمنحه شعوراً بالأمان.
الأسرة هي أول “عالم” ينتمي إليه الطفل، فعندما يعرَف أن لديه أماً، وأباً، وأجداداً، وعمّات وأخوال، يدرك أنه ليس وحيداً، وأن هناك أشخاصاً يهتمون به.
دعم تطوّر اللغة والذاكرة
عندما يتعلّم الطفل أسماء أفراد عائلته وعلاقاتهم ببعضهم (مثل “هذا خالي”، “هذه عمتي”)، فإن ذلك يعزّز مفرداته ويطوّر فهمه للروابط.
كذلك يُساعده على تمييز التسلسل الزمني (جدي أكبر من أبي، أنا أصغر من أختي…)، مما يقوّي مفاهيم الزمن والتسلسل العائلي.
بناء الهوية الشخصية
معرفة الطفل لتاريخ عائلته، أو سماع قصص عن جدته أو عمّه، تجعله يفهم من أين أتى.
هذا يساعد على بناء شخصيته وهويته الثقافية والدينية والاجتماعية، فيصبح أكثر فخراً بجذوره.
تنمية الروابط العاطفية والرحمة
عندما يعرف الطفل أن “هذا الشخص الكبير هو جدي”، يتعلّم أن يُظهر له الاحترام والعطف.
كما تساعده معرفة العلاقة بين أفراد العائلة على فهم مشاعرهم ومراعاتهم، مما يُنمّي لديه الذكاء العاطفي والرحمة والتعاطف.
تقوية القيم العائلية والاجتماعية
من خلال العائلة، يتعلّم الطفل القيم الأساسية مثل: الاحترام، التعاون، الصبر، المشاركة، الحب، والمسؤولية.
إذا عرف أن زيارة الجدة شيء مهم، أو أن العيد يجمع العائلة، فسيدرك أن العائلة لها تقاليد جميلة يجب احترامها.
المساهمة في الاستقرار النفسي
في حال تغيّرت الظروف (طلاق، انتقال، فقدان)، فإن معرفة الطفل بمن تبقّى من عائلته (مثل الجدة أو العمّ) تساعده في تجاوز المرحلة بثقة وطمأنينة.
العائلة تصبح مصدراً ثابتاً للدعم النفسي، ويكون الطفل أكثر استعداداً لمواجهة التغيّرات.
إدراك مفاهيم أوسع مثل “الآخر” و”الاختلاف”
من خلال عائلته، يبدأ الطفل بمقارنة العائلات الأخرى: “أنا عندي أخت، لكنه عنده أخان”، فيتعلّم أن الناس مختلفون.
وهذا التمرين المبكّر على تقبّل الآخر مهم جدّاً في تنمية طفل منفتح ومتفاهم.
تعريف الطفل بالعائلة هو خطوة جوهرية لبناء إنسان متوازن نفسياً، لغوياً، وعاطفياً.
إنه يعرف من هو، أين ينتمي، ومن يحبّه، مما يضع حجر الأساس لنمو صحي وسليم.

اقرأ ايضا: أهمية القصة في حياة الطفل
رحلة صغيرة للأطفال لاكتشاف العائلة/ الأطفال البعيدين عن الوطن
الأطفال المغتربين الذين يعيشون بعيداً عن عائلتهم الكبيرة (مثل الجد والجدة، الأعمام، الأخوال) قد يشعرون بشيء من الفراغ العاطفي أو الانفصال الاجتماعي، خاصة عندما يسمعون عن “العائلة الكبيرة” ولا يعيشون هذا الواقع فعلياً.
لهذا، من المهم أن نتعامل مع هذه الفجوة بحكمة ودفء، حتى نُشعر الطفل بالانتماء والدعم رغم البُعد. إليك طرق التعامل مع هذا الموضوع:
زرع مفهوم “العائلة القريبة من القلب”
اخبري الطفل أن العائلة الكبيرة لا تعني فقط من يعيش معنا، بل من يحبّنا ويفكر فينا حتى وإن كان بعيداً.
- قولي له مثلاً:
“جدّتك تحبّك جدًا، حتى وإن لم تكن قريبة، وهي تفكر بك دائماً وترسل لك الدعوات في كل صلاة.”
الاعتماد على الصور والفيديوهات لتقريب المسافة
اجمعي صور أفراد العائلة الكبيرة في ألبوم خاص، وعرّفي الطفل عليهم بالاسم والعلاقة.
“هذا خالك كريم، هو أخو ماما وكان يلعب معها لما كانت صغيرة.”
شاهدي مع الطفل فيديوهات العائلة وهم يتكلمون أو يحتفلون.
المكالمات المرئية المنتظمة
اجعلي من مكالمات الفيديو عادة أسبوعية مع الجد أو العم أو الخالة، حتى لو لبضع دقائق.
شجّعي أفراد العائلة الكبيرة أن يتحدثوا مع الطفل بطريقة مرحة ويستخدموا اسمه ويعبروا عن شوقهم له.

المفاجآت البريدية
إذا أمكن، أرسلي أو استقبلي هدايا أو بطاقات من العائلة الكبيرة للطفل. مجرد رؤية اسمه مكتوباً من خالته أو جدته يعطيه شعوراً بأنه محبوب ومهم لديهم.
إشراك العائلة الكبيرة في المناسبات عن بعد
اجعلي أفراد العائلة يرسلون تسجيلات تهنئة في عيد ميلاد الطفل.
أو نظّمي اتصالًا جماعياً للاحتفال سوياً حتى وإن كان افتراضياً.
الأنشطة الفنية لتقوية الارتباط
ساعدي الطفل على رسم شجرة العائلة ووضع صور كل فرد.
أو أن يرسم بطاقة “أشتاق إليك” ويرسلها للجدة أو أحد الأقارب.
الحديث الإيجابي المستمر عن العائلة الكبيرة
لا تركّزي على البعد، بل على الحب.
“عمّك يعيش بعيداً لأنه يعمل بجد، لكنه دائماً يسأل عنك.”
إذا شعر الطفل بالحزن أو الفراغ بسبب البعد، لا تهملي هذا الشعور. اتركيه يعبّر واحتضنيه وطمئنيه أن العائلة موجودة في قلبه، وأن القرب ليس دائماً بالمسافة.
بالنسبة للطفل المغترب، يمكن تعويض البُعد الجغرافي بالحب والمشاركة والروابط الوجدانية.
كل اتصال، كل كلمة، كل صورة… هي جسرٌ صغير يربط الطفل بعائلته الكبيرة.

اقرأ ايضا: طريقة تنظيم النوم لطفل حديث الولادة
صعوبة تربية طفل في الغربة
تربية الأطفال في الغربة تحمل الكثير من الجوانب الإيجابية، لكنها في الوقت نفسه لا تخلو من صعوبات وتحديات حقيقية، خاصة من الناحية النفسية والاجتماعية والثقافية. إليك تفصيلًا لأبرز صعوبات التربية في الغربة:
الازدواجية الثقافية والهوية المشوشة
الطفل يعيش بين ثقافتين:
ثقافة المنزل (اللغة، الدين، العادات)
وثقافة المجتمع الذي يعيش فيه (المدرسة، الأصدقاء، الإعلام)
قد يشعر بالحيرة:
“هل أنا مثل أصدقائي في المدرسة أم مثل أبي وأمي؟”
الخطر: إذا لم يجد توازناً، قد يُرفض لغته الأم أو يشعر بالحرج من هويته.
ضعف اللغة الأم
مع الوقت، وخصوصاً إذا كان الطفل يدرس بلغة أخرى، قد يتراجع استخدامه للغة الأم، مما يصعب عليه التواصل العميق مع أسرته أو عائلته الكبيرة.
اللغة ليست كلمات فقط، بل هي جسر للمشاعر والانتماء. تراجعها قد يخلق فجوة بين الطفل وأهله.
الابتعاد عن العائلة الكبيرة (الجد، الجدة، العم…)
لا يوجد دعم عاطفي مباشر من العائلة الممتدة، خاصة في الأوقات الصعبة أو المناسبات.
الأم والأب يتحملان العبء الكامل: الرعاية، التعليم، الترفيه، التربية، الدعم العاطفي.
الشعور بالوحدة أو العزلة
في مجتمع جديد، قد تكون هناك صعوبة في تكوين صداقات، خصوصاً إذا كان هناك اختلاف في الدين أو الثقافة أو اللغة.
يشعر الطفل أحياناً بأنه “مختلف”، مما يؤثر على ثقته بنفسه.
الخوف من التمييز أو التنمّر
بعض الأطفال قد يتعرضون للتنمر بسبب لونهم، ديانتهم، لهجتهم، أو ملابسهم.
هذا التنمّر قد يترك أثراً نفسياً عميقاً ويجعلهم يرغبون في “الاندماج الزائد” لدرجة التخلي عن هويتهم.
صعوبة نقل القيم والمبادئ
في بعض الدول، القيم التي تُعلّم في المدرسة أو عبر الإعلام قد تختلف تماماً عن قيم الأسرة.
على سبيل المثال: مفاهيم الحرية، العلاقات، اللباس، الاحترام… إلخ.
تحتاج الأم والأب إلى شرح القيم بطريقة إيجابية ومحترمة دون إشعار الطفل بالانفصال عن أصدقائه.
ضعف شبكة الدعم الأسري للوالدين
في الغربة، لا يوجد “جدّة تساعد”، أو “خالة تستضيف الأطفال”، أو “أمّ ترافق الأم للمشفى”.
الضغوط اليومية (عمل، طبخ، متابعة دراسية، مشاوير…) تكون مضاعفة، مما قد يرهق الأهل نفسياً.
الحاجة المستمرة للتوازن بين الاندماج والحفاظ على الهوية
من أصعب ما يواجهه الأهل هو تحقيق التوازن:
لا يريدون أن يشعر طفلهم بالغربة أو الانفصال
ولا يريدونه أن يذوب تماماً في مجتمع قد يختلف في قيمه عن الأسرة

كيف نواجه هذه التحديات؟
الاهتمام باللغة الأم (قراءة، قصص، حوار يومي)
الحفاظ على العادات الأسرية ولو بطريقة مبسطة
شرح الفرق بين الثقافات باحترام وعقلانية
الاحتفال بالأعياد الدينية والوطنية في البيت
زيارة الوطن أو التواصل المستمر مع العائلة الكبيرة
البحث عن مجتمعات عربية أو مسلمة في المهجر للتواصل والدعم
التربية في الغربة ليست سهلة، لكنها ممكنة وناجحة إذا وجدت وعياً وتخطيطاً وتوازناً.

يمكنكم متابعة قناتنا على تطبيق الواتس من هنا
تابعونا على صفحتنا في فيسبوك من هنا