زهرة حبيب

حكاية الجرة الذهبية

في قريةٍ صغيرةٍ جميلةٍ، عاش فتىً ذكيٌّ يُدعى “سليم”. كان سليم يعمل مع والده في الحقل كل يوم، وعُرِف بصدقه ونشاطه.

ذات يوم، بينما كان يسير بجانب نهر القرية، لاحظ شيئاً يلمع تحت شجرةٍ قديمةٍ. اقترب بحذرٍ، وحفر قليلاً بيديه الصغيرتين، فإذا به يجد جرةً ذهبيةً قديمةً

الشجرة التي تحتها كنز
الشجرة التي تحتها كنز

كانت الجرة ثقيلةً ومغطاةً بالغبار، لكن بريقها كان يخطف الأبصار.

تساءل سليم:
— “لمن تعود هذه الجرة؟ هل هي كنزٌ مدفونٌ منذ زمنٍ بعيد؟”

لم يُفكر سليم في الاحتفاظ بها لنفسه، بل قرر أن يأخذها إلى شيخ القرية الحكيم ليسأله عن أمرها.

عندما رأى الشيخ الجرة، ابتسم وقال:


— “أحسنت يا سليم! لنجتمع بأهل القرية ونعرف سر هذه الجرة الذهبية.

شيخ القرية وسليم الامين
الشيخ وسليم

سر الجرة الذهبية وقصة صاحبها

منذ سنواتٍ طويلةٍ، وقبل أن يولد سليم، كان في القرية رجلٌ طيبٌ يُدعى العم رشيد. كان يعمل تاجراً ويشتهر بكرمه وحبه لمساعدة الفقراء، لكنه كان يعيش وحيداً، إذ لم يكن له زوجةٌ أو أبناء.

في أحد الأيام، بعد أن عاد العم رشيد من رحلة تجارةٍ ناجحة، قرر أن يحتفظ بجزءٍ من ماله داخل جرةٍ ذهبيةٍ، لكنه لم يكن يفكر في نفسه، بل كان لديه خطةٌ نبيلةٌ.

قال لنفسه:
— ” الآن أهل القرية لا يحتاجون لهذا المال بسبب وفرة المحاصيل التي يزرعونها، لكن قد يأتي يومٌ تحتاج فيه قريتنا إلى هذا المال، سأخفي الجرة في مكانٍ آمن، وعندما يحين الوقت، سيعثر عليها من يستحقها!”

وبالفعل، خرج العم رشيد في ليلةٍ هادئةٍ إلى الشجرة الكبيرة بجانب النهر، وحفر حفرةً عميقةً، ثم دفن الجرة بعنايةٍ، دون أن يخبر أحداً عن مكانها.

العم رشيد بن صالح
العم رشيد بن صالح

مرت السنوات، وكبر العم رشيد في السن. وفي يومٍ من الأيام، مرض مرضاً شديداً، ولم يتمكن من إخبار أحدٍ بسر الجرة قبل وفاته. 

وهكذا بقي الكنز مخفياً، حتى جاء سليم الأمين، وعثر عليه بمحض الصدفة.

اقرأ ايضا: حكاية الفتى عاصم وجوهرة النجوم

لقاء الشيخ واهل القرية

دعا الشيخ أهل القرية وسليم يحمل الجرة الذهبية بين يديه، فاجتمع الناس حوله متعجبين. قال أحد الرجال:
— “ما هذا الذي تحمله يا سليم؟”

رد الفتى بحماس:
— “وجدتُ هذه الجرة تحت الشجرة الكبيرة بجانب النهر، وأتيتُ بها إلى الشيخ حتى نعرف حقيقتها!”

نظر الشيخ إلى الجرة، فتمتم قائلاً:
— “هذه الجرة… تبدو مألوفة… وكأنني رأيتها من قبل!”

ثم طلب منهم أن يفتحوا الجرة بحذر. وعندما فُتِحَت، وجدوا بداخلها ورقةً قديمةً مكتوبةً بخط اليد. أمسك الشيخ بالورقة، وأخذ يقرأ بصوتٍ عالٍ:

“إلى من يجد هذه الجرة، لقد جمعت هذا المال من تجارتي لأجل أهل قريتي، فإن كان من يعثر عليها أميناً، فليستخدمها في الخير، فالأرزاق تُبارَك عندما تُعطى لمن يحتاج.”

وفي نهاية الورقة، كان الاسم واضحاً: “رشيد بن صالح”.

أجتماع اهل القرية
لقاء الشيخ باهل القرية

ارتفعت الهمسات بين أهل القرية:


— “العم رشيد! لقد كان رجلاً طيباً، لكنه لم يخبرنا عن هذا الكنز!”
— “لماذا لم يوزعه علينا عندما كان حياً؟”

نظر الشيخ إليهم بحكمة وقال:


— “العم رشيد كان رجلاً حكيماً، وكان يعرف أن المال قد يُنفَق سريعاً إن لم يُستخدم بحكمة. ربما أراد أن يكون هذا المال للقرية عندما تحتاج إليه حقاً، وربما أراد أن يمر الزمن، حتى يصل المال إلى يدٍ أمينةٍ تستحقه.”

قالت امرأةٌ عجوز بحزن:
— “رحم الله العم رشيد، لم يكن يسعى للمديح، بل كان يريد الخير لنا جميعاً!”

رد الشيخ:
— “نعم، وقد أثبت سليم اليوم أن الأمانة لا تزال موجودة في قريتنا. لو لم يكن أميناً، لما عرفنا بهذا الكنز، ولما استطعنا استخدامه في الخير!”

اقرأ ايضا: حكاية العنزات الثلاث والذئب الشرير

مصير الجرة الذهبية

بعد نقاشٍ طويل، قرر أهل القرية أن يستخدموا المال لمساعدة الفقراء وبناء مدرسةٍ جديدةٍ للأطفال، ليكون العلم هو الكنز الحقيقي الذي يبقى للأجيال القادمة.

وقف الشيخ أمام الجميع وقال:
— “لقد ترك لنا العم رشيد درساً عظيماً، وهو أن الخير لا يموت، وأن الأمانة كنزٌ أثمن من الذهب!”

امتلأت قلوبهم بالاحترام لهذا الرجل، وازداد إعجابهم بسليم الذي لم يحتفظ بالكنز لنفسه، بل سلّمه للشيخ بحسن نية.

كان العم رشيد تاجراً حكيماً، وقد لاحظ أن بعض الناس في القرية يعيشون في راحةٍ ولا يحتاجون إلى المال، بينما آخرون قد يمرون بأوقاتٍ صعبةٍ في المستقبل. 

لذلك، فكر في طريقةٍ لضمان أن يُستخدم ماله في الوقت الذي تشتد فيه الحاجة إليه في المستقبل.

بناء مدرسة لتعليم الاطفال
بناء مدرسة لتعليم الاطفال

نهاية الحكاية

وهكذا، أصبح أهل القرية يروون قصة العم رشيد والجرة الذهبية لكل الأجيال، ليعلموا أن الخير الذي نزرعه اليوم، قد يكون كنزاً يجدُه الآخرون في المستقبل!

Zhora & Asoma

يمكنكم متابعة قناتنا على تطبيق الواتس من هنا

تابعونا على صفحتنا في فيسبوك من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *