الفتى عاصم وجوهرة النجوم
زهرة حبيب
الفتى عاصم وجوهرة النجوم، في قديم الزمان وسالف العصر والأوان، في مدينة بعيدة تُدعى مدينة القمر المضيء، عاش فتى يُدعى عاصم. كان عاصم صانع فخار بسيط، لكنه كان مشهوراً بمهارته الفريدة في صنع الجرار المزينة بنجوم صغيرة تبدو كأنها تضيء في الظلام.
لم يكن أحد يعرف سر هذا النور، لكنه كان يُقال إن يديه تحملان بركة السماء.

ذات ليلة، وبينما كان عاصم يعمل على جرته الأخيرة قبل النوم، إذا برجل كبير السن غريب ذو لحية بيضاء طويلة، يدخل ورشته. يضع بيده عصا بلون الفضة، كان يرتدي عباءة خضراء تُشبه أوراق الأشجار، وعصاه تتوهج بضياء خافت.
قال الرجل الكبير:
“يا عاصم، لقد سمعت عن مهارتك. لكن هل تعرف أنك مُختار لمهمة عظيمة؟”
اندهش عاصم وسأله: “ماذا تقصد يا سيدي؟”
ابتسم الرجل وقال: “أيها الفتى، أنت مُختار لأمر عظيم. هناك جوهرة النجوم، وهي كنز أسطوري والتي تمنح حاملها أمنية واحدة تتحقق فوراً، بشرط أن تكون أمنيته نابعة من الخير لا الشر.
لكن للأسف، الجوهرة سُرقت وهي الآن في مكان خطير والقدر اختارك لتستعيدها.”
الرجل كان حكيماً لدرجة أنه يستطيع رؤية ما وراء المظاهر السطحية.

اختياره لعاصم لايمانه ومعرفته أن الأبطال لا يولدون بقدرات خارقة، بل يُختارون بسبب صفاتهم الإنسانية التي تجعلهم يستحقون الثقة.
قد يكون عاصم لم يُختبر في حياته من قبل بمواقف عظيمة، لكن الرجل رأى في عينيه بذور الشجاعة الكامنة وقلباً صافياً نقياً، وهو ما يجعله مستعداً لمواجهة الصعوبات إذا آمن بنفسه.
رغم الخوف الذي اعترى قلب عاصم، وافق لأنه كان يعرف أن الخير يجب أن ينتصر.
تردد عاصم في البداية، لكنه وافق لأنه أدرك أن الجوهرة في الأيدي الخطأ قد تكون خطراً على العالم.
رحلة الصحراء وظلال المغامرة
ودع عاصم الرجل الكبير، وكان عليه أن يقطع ثلاث عقبات كبيرة:
وادي الرياح العاصفة، حيث عليه أن يُثبت شجاعته، ومواجهة أعمق مخاوفه.
بحيرة السراب، حيث تُختبر حكمته، وإيمانه بنفسه.
كهف الحكايات المنسية، حيث يثبت قلبه نقاءه، ويُثبت استحقاقه للجوهرة.
في وادي الرياح العاصفة، واجه عاصم عاصفة هوجاء.
واجه عاصم ذكرى حزينة عن طفولته عندما فقد والديه في حادث. كان عليه أن يعترف بخوفه من الوحدة ليُكمل الطريق.
تذكر كلمات الرجل: “الشجاعة ليست في القوة، بل في الثبات.” فأغمض عينيه وسار بثبات حتى تجاوز الوادي.
في بحيرة السراب، ظهرت له انعكاسات تخدعه وتوهمه بالغنى والقوة. رأى نفسه محاطاً بمظاهر الغنى والشهرة، لكن قلبه كان يعلم أن السعادة ليست في هذه الأوهام.

أغمض عينيه ورفض الانخداع بما رآه، لكنه تذكر أن الحكمة الحقيقية هي أن يرى القلب ما لا تراه العين، فتجاهل كل الإغراءات حتى جفّت البحيرة.
وأخيراً، وصل إلى كهف الحكايات المنسية، حيث قابل عاصم كائناً مخيفًا يحمل الجوهرة.
حين وصل عاصم إلى الكهف، وجد نفسه في غرفة واسعة مظلمة، يتوسطها عرش من الحجارة السوداء، وعلى العرش يجلس كائن ضخم ذو عينين متوهجتين باللون الأحمر. كانت الجوهرة تتألق بين يدي الكائن، الذي بدا وكأنه يحرسها كأنها جزء من وجوده.
ابتسم الكائن بسخرية وقال:
“أيها الفتى الصغير، جئت تطلب ما لا يمكنك الحصول عليه. الجوهرة لي، ولن تأخذها إلا إن استطعت هزيمتي.”
عرف عاصم أن الكائن أقوى منه بكثير، لكن قوته الجسدية ليست الحل. قال بثقة:
“لا أريد الجوهرة بالقوة. دعنا نخوض تحدياً عقلياً. إن غلبتك، تعطيني الجوهرة. وإن خسرت، يمكنك أن تبقيني هنا عبداً لك.”
ضحك الكائن وقال: “حسناً، أيها المغامر. لكن تذكر: من يخسر أمامي، يفقد روحه للأبد.”
وافق عاصم بشجاعة، رغم أن قلبه كان يخفق بشدة.
اقرأ ايضا: قصة لغز الحقيبة المفقودة
المراوغة والمكر
خدع الكائن المخيف عاصم، وبدون سابق إنذار، هجم الكائن على عاصم، محاولاً إرهابه بقوته الضخمة. تراجع عاصم بسرعة، محاولاً التفكير في خطة. لاحظ أن الكائن يعتمد بشكل كبير على ضوء الجوهرة لتوجيه هجماته.
قرر أن يستغل هذا لصالحه. نظر حوله ورأى قطعاً صغيرة من المرايا مكسرة على الأرض. جمعها بسرعة وصنع منها سطحاً يعكس ضوء الجوهرة في كل الاتجاهات.
حين حاول الكائن الهجوم مجدداً، تفاجأ بأن الضوء ينعكس بشكل عشوائي في كل مكان، مما أفقده القدرة على تحديد موقع عاصم. استغل عاصم اللحظة وانقض بسرعة، وانتزع الجوهرة من بين يديه!
صرخ الكائن بغضب:
“لا! لقد خدعتني! لكن تذكر، الجوهرة تحمل قوة عظيمة، ومن يسيء استخدامها سيدفع الثمن.”

الهروب الكبير
بينما اهتز الكهف من غضب الكائن، ركض عاصم نحو الخارج، والجوهرة بين يديه. كان الكهف ينهار من حوله، لكنه تمكن من القفز عبر فتحته الأخيرة قبل أن يغرق في الظلام.
بعد أن حمل الجوهرة بين يديه، تحدثت إليه الجوهرة قائلة:
“يا عاصم، أنا لا أحقق الأمنيات فقط، بل أمنح القوة لتغيير العالم بالخير. لكن حذارِ، فمن يُسئ استخدامي يُعاقب بفقدان ما يحب.”
العودة بالجوهرة والمواجهة مع الحكمة
بعد أن هرب عاصم من الكهف ونجا من غضب الكائن، سار لأيام طويلة عبر الصحاري والجبال، يحمل الجوهرة بين يديه. كانت الجوهرة تضيء بنور ناعم ودافئ، وكأنها تشكره على إنقاذها.
حين وصل إلى مدينة القمر المضيء، وجد الرجل العجوز بانتظاره في الساحة الكبرى. كان العجوز يبتسم بهدوء، لكن عينيه كانتا تحملان نظرة عميقة وكأنهما تريان كل ما مر به عاصم.

قال العجوز:
“أحسنت، يا عاصم. لقد أنقذت الجوهرة من هذا الكائن الشرير.
لكن الآن جاء الاختبار الأخير، هل ستحتفظ بها، أم ستعيدها لي لاضعها في مدينة الحكماء؟”
تردد عاصم للحظة. كانت الجوهرة في يديه تمنحه إحساساً غريباً بالقوة والقدرة.
لوهلة، تخيل أنه يمكنه استخدامها ليطلب عودة والديه أو لجعل حياته أسهل. لكنه تذكر ما قاله الكائن في الكهف: “من يسيء استخدامها سيدفع الثمن.”
رفع عاصم عينيه إلى العجوز وقال:
“لم أنقذ الجوهرة لنفسي. لقد قمت بذلك لأنها ملك للعالم، وليس لي. أعيدها إليك، لكن أخبرني: لماذا تحمل الجوهرة هذا العبء؟ ولماذا اخترتني أنا لهذه المهمة؟”
اقرأ ايضا: العنزات الثلاث والذئب الشرير
حوار الجوهرة والماضي الغامض
قبل أن يجيب العجوز، أضاءت الجوهرة فجأة بنور قوي، وسمع عاصم صوتاً رقيقاً وعميقاً يخرج منها.
قال الصوت:
“عاصم، أنت الآن جزء من قصتي. أنا لست مجرد حجر. أنا خُلقْتُ من نور النجوم الأولى التي وُلدت في الكون. وظيفتي ليست فقط تحقيق الأمنيات، بل اختبار قلوب البشر. لقد شاهدتُ عبر العصور كيف يسعى البعض إليّ بدافع الطمع، وآخرون بدافع الخير. ولكنك، يا عاصم، أظهرت نقاءً نادراً.”
نظر العجوز إلى عاصم وأضاف:
“لقد اخترتك لأنك عشت حياة مليئة بالعمل دون أن تطلب شيئاً بالمقابل. كنت أعلم أن قلبك سيكون قوياً بما يكفي لمقاومة إغراء الجوهرة.
أما الآن، فأمامك خيار، يمكنك أن تطلب أمنية واحدة قبل أن تُعاد الجوهرة إلى مكانها المقدس، أو يمكنك أن تتركها كما هي.”
القرار المصيري
فكر عاصم بعمق. تذكر حزنه على فقدان والديه ورغبته في حياة أفضل. لكنه أدرك أن تحقيق أمنية لن يُغير قيمه أو يجعله أكثر سعادة مما هو عليه الآن.
قال بحزم:
“لا أحتاج إلى أمنية. ما أريده حققته بالفعل: أن أحمي الجوهرة وأن أعيش بشرف.”
ابتسمت الجوهرة، وقال الصوت:
“اختيارك يعكس قلبك النقي، يا عاصم. لهذا، سأمنحك هدية لا تقدر بثمن الحكمة والبصيرة لتعيش حياتك بسلام وسعادة، وتسعد من حولك.”
الوداع الأخير
أعاد العجوز الجوهرة إلى مكانها ، حيث عادت إلى السكينة والنور. نظر إلى عاصم وقال:
“رحلتك ليست النهاية. أنت الآن حارس جديد للعالم، ليس بجوهرة في يدك، بل بنور في قلبك. احمل هذا النور، واجعل حياتك مصدر إلهام للآخرين.”
ودع عاصم الرجل العجوز، وعاد إلى مدينته. لكنه لم يعد كما كان. أصبح أكثر حكمة وثقة، وأدرك أن القوة الحقيقية تكمن في الإيثار والشجاعة.

النهاية المؤثرة
عاد عاصم إلى مدينته، والجوهرة بين يديه، لكنه اختار ألا يستخدم قوتها لنفسه. بدلاً من ذلك، وضعها في مكان آمن مع الحكماء، ليتم استخدامها بحكمة فقط عندما يحتاجها العالم.
في النهاية، عاد عاصم إلى عمله البسيط، لكن حكمته وشجاعته أصبحت حكاية تُروى للأطفال كل ليلة، تماماً كما نرويها لك الآن.
يمكنكم متابعة قناتنا على تطبيق الواتس من هنا
تابعونا على صفحتنا في فيسبوك من هنا